مؤامرة بكل المقاييس لإحراج الدولة الجديدة خارجيا بعدما فشلت مؤامرات الداخل فى رفع لافتة «ولا يوم من أيام نظام مبارك».. سواء بالفتنة الطائفية أو بإطلاق إشاعات عن قرب وصول الإسلاميين سواء الإخوان أو السلفيون أو الأصوليون من الجماعات القديمة لسدة الحكم!
المؤامرة هذه المرة أرادت إحراج الدولة الجديدة أمام العالم الخارجى الذى تدعم أغلب حكوماته الدولة المصرية ما بعد ثورة 25 يناير النبيلة، كأن المتآمرين أرادوا أن تكون رسالة مباراة الزمالك والأفريقى التونسى هى: هذه هى الدولة الجديدة وهذا هو الشعب المصرى البلطجى!
المعلومات التى حصلنا عليها من مصادر وثيقة الصلة تؤكد عمق المؤامرة وترتيباتها وأبطالها.
البداية باستغلال تصريح إبراهيم حسن مدير الكرة البيضاء عقب لقاء الذهاب أمام الأفريقى التونسى عندما طالب الجماهير بالنزول للملعب مصورا نزول عدد من مشجعى الأفريقى استاد رادس بأنه كان إرهابا للاعبى فريقه، رغم أنهم لم يتعدوا 6 مشجعين لم يحمل أحد منهم أسلحة، بل كان أحدهم يحمل علمى مصر وتونس، وخرجوا بعد دقيقتين واستكملت المباراة!
من هناك تحركت طيور ظلام «الوطنى» استغلالا للموقف، وتشابكت خيوط المؤامرة بسماح عبدالعزيز أمين رئيس هيئة استاد القاهرة لأكثر من 2000 بلطجى بدخول الاستاد من الـ10 صباحا متحججا بأنه أخطر الشرطة والجيش بأن هناك بلطجية قفزوا من أسوار الاستاد العالية التى لا يمكن اقتحامها إلا بفرق أكروبات أو فرق جمباز! وكسروا الأقفال على البوابات، واكتفى بتحرير محضر رسمى فى حضور بعض مسؤولى الزمالك ولم يتحرك أحد لإنقاذ الموقف مبكرا حتى حدثت الكارثة باقتحام هؤلاء الملعب خلال المباراة فى مشهد يثير التساؤلات من وضع «سقالات» يعبر عليها البلطجية من المدرجات للملعب! كأن هؤلاء تحركوا فى الظلام وليس أمام الآلاف فى الاستاد والملايين أمام شاشات التليفزيون.
لا يخفى على أحد أن اللواء عبدالعزيز أمين هو أحد الرجال المقربين من النظام الحاكم السابق والحارس الخاص لنجلى الرئيس المخلوع فى صباهما، ومن المعروف أن استاد القاهرة كان بمثابة النادى الخاص للرئيس السابق محمد حسنى مبارك وأسرته وأحفاده لممارسة التنس والسباحة والإسكواش، وكثيرا ما استغل ذلك فى تهديد الأندية والاتحادات، لدرجة أنه منع المنتخب الوطنى من التدريب فى إحدى المرات بسبب تأخر الحصول على المستحقات المالية الخاصة بالاستاد، ولم يستطع حسن صقر رئيس المجلس القومى للرياضة التدخل لعلمه بالعلاقة الحميمة بين عبدالعزيز أمين وأسرة الرئيس المخلوع.
موقف رئيس هيئة الاستاد من المؤامرة واضح، خاصة بعد تصريحه بعدم تحرك الشرطة والجيش، مما يزيد من إحراج الدولة المصرية الجديدة وإظهارها فى مشهد العشوائية والفوضى وعدم الأمن، ولعل استدعاءه أمام النيابة لسماع أقواله فى واقعة «الجلابية» يؤكد دوره.
على نفس الدرب يسير حسن صقر رئيس المجلس القومى للرياضة، وسمير زاهر رئيس اتحاد الكرة اللذان يعدان ابنين شرعيين للحزب الوطنى بإعلانهما تأجيل مسابقة الدورى لأجل غير مسمى بشكل فورى دون منح أنفسهما فرصة للتحقيق فى ملابسات الموضوع، والوقوف على أسباب ما حدث، خاصة أن هناك عدة مباريات سابقة أقيمت للأهلى والإسماعيلى وحرس الحدود ولم نشهد أى خروج عن النص، ولكنهما ينتميان إلى النظام السابق وأبناء للحزب الوطنى، ومنطقى أن يسعيا لإحراج الدولة المصرية الجديدة أمام العالم وإظهارها فى مشهد غير القادرة على توفير أدنى حد للأمان الذى كان يعيشه المواطنون فى عهد النظام السابق الذى زرعهما فى مناصبهما.
لذا.. ما أشبه الليلة بالبارحة.. عبارة تنطبق على ماحدث فى استاد القاهرة ليعيد للأذهان صورة موقعة «الجمل» بالتحديد قبل تنحى الرئيس «المخلوع» قرب نهاية مباراة الزمالك والأفريقى التونسى فى إياب دور الـ32 لبطولة أندية أفريقيا لأبطال الدورى، حيث اقتحمت الملعب مجموعات منظمة تحمل «السنج والمطاوى» بدعوى مشجعين لإرهاب الفريق التونسى وطاقم التحكيم الجزائرى وإحداث هوجة مرعبة تسىء لصورة المجلس العسكرى الذى كان يأمل أن تمر المباراة على خير، حيث تشير المصادر إلى أنها محاولة جديدة من أتباع جمال مبارك لإحراج الجيش.
«اليوم السابع» حصلت على معلومات مؤكدة تؤكد أن قيادات الوطنى الزملكاوية تسللت إلى مشجعى الزمالك «وايت نايتس» التى تعنى الليلة البيضاء مستندة إلى التسجيل الصوتى لإبراهيم حسن عقب لقاء الذهاب أمام الأفريقى التونسى باستاد رادس بالعاصمة التونسية حين طالب جماهير الزمالك بنزول الملعب فى حال تعذر فوز فريقها بأكثر من هدفين بعد الهزيمة فى رادس بأربعة أهداف مقابل هدفين.
أذناب جمال مبارك الذين حشدوا مهاويس «الوايت نايتس» بحسب مصادرنا وثيقة الصلة بالمقربين من جمال مبارك خاصة فى دائرتى المقطم والبساتين ومنشية ناصر، وجهوا الجماهير نحو اجتياح الملعب حتى لا يخسر فريقها لإرهاب الحكم، ومن ثم العودة للمدرجات كما حدث من عدة مشجعين توانسة لم يتعد عددهم أصابع اليدين.
ولعل هذا ما يؤكده شريط المباراة حين حاولت مجموعة مهاويس التشجيع العودة للمدرجات سريعا لكن موجات «المأجورين» وبلطجية لجنة سياسات نجل الرئيس المخلوع منعوهم من العودة، وعاثوا فى الاستاد ومرافقه عبثا وتدميرا، مما دفع بالشباب «الوايت نايتس» إلى الاندفاع للدخول للملعب بالمرة!
معلوماتنا أيضا تؤكد أن مشجعا من قيادات الوايت نايتس اسمه «أحمد شبرا» كان كلمة «سر» موقعة الهياج بعدما ضحكوا عليه وقاموا بتمويل ما يسمى بـ«الدخلة الجماهيرية» للجماهير.
أما أكثر الأدلة الدامغة فكانت وجود قرابة الـ2000 مشجع قبل بدء المباراة وهم يحملون أسلحة بيضاء وملوتوف دخلوا استاد القاهرة فى العاشرة صباحا باعتراف اللواء عبدالعزيز أمين رئيس هيئة استاد القاهرة، والمهندس أحمد سعد مسؤول الإذاعة الداخلية لاستاد القاهرة خلال أكثر من مداخلة تليفزيونية.
لكن المثير للجدل والمؤكد لمعلوماتنا أن أمين والمهندس أحمد سعد لم يتحدثا عن الطريقة التى حاولا بها منع هذه المجموعة المسلحة من التواجد ولماذا لم يتم القبض عليها أو الإبلاغ عنها؟
مصدر من مصادرنا فسر تلك الواقعة بأنها تأتى لتأكيد ما علموه عن المؤامرة التى حاكها نجل الرئيس لإحراج القوات المسلحة التى يمعن مجلسها العسكرى - ممثلها الحاكم للبلد الآن - فى إحكام قبضته على مصر.
أما ما أكدته مصادرنا أكثر فهو ارتباط تلك «الموقعة» زمنيا مع الإعلان الرسمى الصريح الذى خرج من المجلس العسكرى الأسبوع الماضى متضمنا الآتى: أن الرئيس السابق وعائلته قيد الإقامة الجبرية وأنه لا صحة لما تردد عن قدرة عائلة الرئيس المخلوع على مغادرة مصر.
يذكر أن المجلس العسكرى حتى هذا التصريح الواضح جدا، كانت تصريحاته دائما عن آل مبارك لا تتعدى أن الأمر تحت السيطرة.
المصادر نفسها أكدت أن خيوط المؤامرة حيكت فى ناد صغير يملكه مجدى راسخ صهر الرئيس المخلوع مبارك فى مركز التجارة العالمى بالدور الثانى فوق الأرضى وفى حضور قيادات من الحزب الوطنى البائد قبل المباراة بـ24 ساعة حتى لا تفسد المؤامرة.
أما المفاجأة الكبرى فهى التى كشفها منصور العيسوى وزير الداخلية عندما قدم شريط فيديو مصورا يدين مجموعة من الجماهير ويؤكد أن إبراهيم حسن مدير الكرة بالزمالك كان له صلة بهم وفى جلسة كبرى من أجل مباراة الأفريقى التونسى.. وهناك مفاجآت أخرى ستكشفها تحقيقات النيابة فى الأيام القادمة