تلاقي رسومات الأطفال في العصر الحالي اهتماماً كبيراً؛ وذلك نظراً لأهميتها في التعبير عما يدور داخل نفسية الطفل، وهنا يقع على عاتق الوالدين والمعلم بالمدرسة مسئولية تنمية رسومات الأطفال واحترامها لأنها جزء من تكوين شخصيته ورؤيته للحياة ولأنها تحتوي على خصائص نفسية يستطيع من خلالها الأبوين التعرف عما يدور داخل الطفل.
وتتلخص الخصائص النفسية لرسومات الأطفال فيما يلي:
التسطيح: ومن مظاهر هذه الطريقة أن يرسم الطفل الشيء بحيث يبسط جميع جوانبه ويفرد جميع أجزائه ومن ثم تأتي رسومات الطفل مسطحة.
الخلط بين المسطحات والمجسمات في حيز واحد: حيث يرسم الطفل الحيوان من الجانب، مع رسم سيقان الحيوان على خط واحد مستقيم ورسم الوجه من الأمام فقط.
المبالغة والحذف أو الإهمال: تظهر المبالغة والحذف في رسومات الأطفال في عدم التناسب بين الأجزاء المكونة للشكل الواحد في الرسم، حيث يعطي الطفل أهمية خاصة لجزء تأكيداً لأهميته في الموقف الذي يعبر عنه، مثلا كأن يرسم لاعب الكرة بساق أكبر من بقية أعضاء الجسم، نظراً لأهمية الساق في اللعب.
الشفافية: يقصد بالشفافية إظهار الطفل ما بداخل الأشكال المرسومة من محتويات، فالطفل يرسم واقع وظيفة الشيء العام وليس واقع مظهره، فحافلة نقل الركاب يرى الطفل أن الجزء المهم منها كيف يجلس الناس وكيف يجلس السائق؟ أهم من منظرها الخارجي.
خط الأرض: يلاحظ أن الأطفال لا يتركون في رسومهم الأشكال معلقة في الفراغ وإنما يستخدمون بعض الخطوط الأفقية الموازية للحافة السفلى لورقة الرسم تعبيراً أنهم واقفون على الأرض.
التمثيل الزماني والمكاني: يلجأ الطفل إلى عدم التقيد في رسوماته بالتعبير عن مشهد أو حدث من موضوع أو قصة ما في لحظة زمنية معينة ومكان معين، فهو يسعى إلى تضمين رسومه مشاهد القصة مجتمعة في حيز واحد، ويطلق البعض على هذه الخاصية (الجمع بين الأمكنة والأزمنة المختلفة في حيز واحد هو ورقة الرسم).
الجمع بين اللغة الشكلية واللغة اللفظية: يجمع الأطفال في رسومهم كثيراً بين الرموز الشكلية واللفظية (الرسم والكتابة). ويشير البعض إلى أن استخدام الطفل الكتابة في رسمه ربما يكون مرجعه عدم اقتناعه أحياناً بأن الرائي سوف يفهم ما يقصده من رسمه.
الدلالات النفسية لرسومات الأطفال
تعتبر رسومات الأطفال أداة جيدة لفهم نفسية الطفل ومشاعره واتجاهاته ودوافعه وتصوره لنفسه وللآخرين وإذا كان الراشد يستخدم الكلام كلغة أولى يستطيع التعبير من خلالها، فإن الطفل لا يستطيع أن يطوع الكلمات وفق مقصده وما يكتنفه من أحاسيس ومشاعر ورغبات نفسية وإحباطات. فرسومات الأطفال تتيح للطفل فرصة التعبير عن ما بداخل نفسيته حتى يتمكن التواصل مع الآخرين بشكل جيد.
الدلالات النفسية لرسومات الأطفال:
رسم شخص ضخم للغاية: تدل الرسوم الضخمة لشكل الإنسان على العدوانية والأطفال سيئي التوافق مع الآخرين يميلون إلى رسم شكل إنساني مبالغ فيه.
رسم شخص ضئيل للغاية: يقال عن الرسوم الضئيلة لشكل الإنسان أنها تدل على مشاعر النقص وعدم الكفاءة وانخفاض تقدير الذات والقلق والجبن والخجل والانقباض والميول الاكتئابية والاعتمادية، والطفل الانطوائي يرسم الشكل الإنساني صغير جدا وغالبا ما يهمل ملامح الوجه وتفاصيله.
الرأس: إذا بالغ الطفل في تكبير حجم الرأس فهذا يدل على تضخم "الأنا" لديه أما الأطفال المتوافقين نفسيا فإنهم يرسمون الرأس بشكل ملائم للجسم.
الفم: يرسم الأطفال كثيري الحديث أو العدوانيين فم كبيرة جدا بأسنان ذات حجم كبير، كما لو كانوا على استعداد دائم للقطع والالتهام. ويميل الأطفال المتوافقين نفسيا غالبا إلى رسم حجم الفم مناسباً بالنسبة للجسم.
العيون: يعتاد الأطفال المضطربين الذين يشعرون بأنهم مراقبون أو متحكم في أرائهم من جانب الوالدين أو المدرسين بالمدرسة، رسم عيونا كبيرة ذات نظرة متشككة نافذة أما الذين يميلون إلى رسم العين على شكل دوائر صغيرة فهذا يدل على الاعتمادية وضحالة الانفعال، وكذلك يكون حذف الطفل لعيون الشكل الإنساني دليلاً على عدم الرغبة في الاختلاط بالآخرين.
الأنف: يدل رسم الأنف بحجم كبير على العدوانية، أما الأطفال المتوافقين ذاتياً يرسمون الأنف مناسبا للجسم والتأكيد على فتحتي الأنف.
العنق: يفهم أن الطفل الذي يرسم عنق مبالغ في الطول أن لديه مصاعب في تحقيق رغباته المطلوب إشباعها، وهناك بعض الأطفال الذين يعانون من نفس المشكلة يقومون بحذف العنق نهائيا.
الأيدي: تدل الأيدي الممتدة للخارج على رغبة في الاتصال بأبيه أو الأشخاص الآخرين أو رغبة في المساعدة والتفاعل، فالأيدي الكبيرة توجد في رسومات الأطفال الذين يسرقون والأيدي الصغيرة تدل على المشاعر المرتبطة بعدم الأمن وقلة الحيلة، كذلك الطفل العاجز والمنطوي ربما ينسى أن يرسم الأيدي باستمرار.
التظليل: إذا استعمل تظليل الجسم كله فهذا دلالة على القلق، و إذا استعمل تظليل جزء معين يكون القلق مرتبط بهذا الجزء، أما تشويه الشكل المرسوم أو تظليله يكون بصورة أكثر عند الأطفال ذوى القلق وعدم التوافق مع المحيطين بهم.
الضغط بالقلم بأكثر ما هو مطلوب: تعبر عن التوتر العضلي الزائد، وتشير ثقل وخفة درجة الخطوط إلى مستوى الطاقة والتوتر لدى الطفل، وتشيع هذه الظاهرة في رسوم الأولاد أكثر من رسومات البنات وقد تعبر في بعض الأحيان عن الاندفاع.
الضغط بالقلم بأقل ما هو مطلوب: تدل الخطوط الباهتة على انخفاض مستوى الطاقة الجسمية والنفسية لدى الطفل، وقد ترتبط بالخجل والانقباض الشديد، أما الضغط بالقلم بشكل متنوع ومتراوح؛ يدل على المرونة والتوافق.